للأماكن هويتها لكن حضورنا الكثيف يعطيها هوية أخرى قد تلغي حتى هويتها الأصلية، ويكون المكان أنا وأنت وهي وهو وهم وهن، كثير من
الأماكن تمنحنا الدفء برفقائها، وترتبط فيهم بشكل قوي بالزوايا التي نختارها لننزوي فيها أنيننا وآهاتنا، أو بالدمع الذي ينسكب على حدودها، أو بالعطور التي تعبق بها أو بنا،
الأماكن هي ألفة القلب وسكن الروح.
أي زمن هذا الذي يمكن أن يسرق منا ذكرياتنا التي رسمناها على جدار القلب، وخططناها بشغاف الروح، نعم لسنا وحدنا من يحرقنا الشوق والوله حتى
الأماكن يمكن أن تشتاق وتحن وتبكي إن غبنا عنها، ولا تبقى إلا ضحكاتنا تتردد في جنبات المكان، لسنا وحدنا من نعيش وحدتنا حتى
الأماكن تستوحد إن غاب روادها.
للأماكن مشاعر صادقة .. ووفاء لا حدود له ..
الأماكن دون روادها تتساقط أوراقها تذبل وتموت كما الروح، الأماكن لا ترتبط بالعمر الافتراضي، الأماكن بنا معا عمرٌ له حسابات فتصمت ويبقى صوتك في أذني
وتغيب وتبقى صورتك في عيني
وترحل وتبقى انفاسك في قلبي
وتختفي ويبقى طيفك خلفي يمزقني ..
المكان .....هو شهادة تاريخية صادقة على صدق المشاعر
كل مكان يحمل ذكرى في الفؤاد، و كل بقعة لها روائح تختلف عن الأخرى .. ،
بعضها قد نضطر للرحيل عنها.. فالرحيل هنا يعتبر مرحلة عفوية للانتقال
إلى مرحلة أكبر.. إلى حياة أوسع.. و نمط جديد مختلف
ولكن تظل ذكرى المكان بداخلنا باسماء اصحابها كل بقعة تحمل مجموعة ذكريات موثقة بصور ومشاهد حية و روائح مختلفة..
سواء كانت في الذاكرة أو على ورق ..
فإحداها تعبق برائحة الطهر و النقاء لتضيء جنباتِ نفوسنا كلما ذكرناها،
فكأن عبق ياسَمينٍ أو رائحة زهر ليمون توارى خلفنا بخجل لينعش حاسة الشمِّ لدينا من جديد،
أو لربما رائحة محبة و بشاشةِ أصحابها هي التي أسكنت حبها فينا..
فيتوقد الحنين حينها إليها... و إلى كل ما فيها...
فللاماكن روح كروح صاحب المكان